وسط محاصرة أميركية لنتنياهو.. هل تصمد خطوط إسرائيل الحمراء؟
بين واشنطن وإسرائيل، يتكثف المسار الدبلوماسي والعسكري في سباق مع الزمن لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة. فالإدارة الأميركية بقيادة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، تدفع باتجاه تطبيق المرحلة الثانية من الاتفاق، فيما تواصل إسرائيل ترسيم "خطوطها الحمراء" داخل القطاع، عبر إعادة انتشار ميداني يهدف إلى تعزيز السيطرة الأمنية.
وتتزامن التحركات العسكرية الإسرائيلية مع تحركات للدبلوماسية الأميركية مع وصول وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، إلى إسرائيل قبل ساعات من مغادرة نائب الرئيس الأميركي، جاي دي فانس، بعد لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وعدداً من القادة الأمنيين والعسكريين، لمناقشة مستقبل الاتفاق والدور التركي في اليوم التالي للحرب.
في المقابل، تكشف التقييمات الإسرائيلية أن حركة حماس بدأت تستعيد نفوذها في غزة، بينما يواصل الجيش الإسرائيلي تثبيت ما يُعرف بـ"الخط الأصفر" داخل "المنطقة المغلقة" التي يسيطر عليها، في مؤشرٍ إلى أن المعركة الميدانية لم تنته بعد.
شروط الانسحاب.. "اللاءات الـ٤" الإسرائيلية
قدّمت إسرائيل للإدارة الأميركية، وفق ما ذكرت القناة 12 الإسرائيلية، مجموعة من الشروط التي تعتبرها "خطوطًا حمراء" لا يمكن التراجع عنها في مفاوضات ما بعد الحرب:
- لا انسحاب من غزة قبل نزع سلاح حماس بالكامل.
- رفض أي وجود عسكري تركي داخل القطاع.
- عدم مشاركة حركة حماس في الحكومة الجديدة المزمع إنشاؤها في غزة.
- بقاء المنطقة منزوعة السلاح حتى بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي.
وقال مصدر أمني إسرائيلي للقناة إن "نتنياهو سيضطر للتنازل في بعض النقاط لأن الأميركيين لا ينوون التراجع، وهم يعتبرون تركيا عنصرًا أساسيًا في نجاح الاتفاق".
وزعم أن إسرائيل تبدي مرونة في الملفات الإنسانية، وتتعاون مع الأمم المتحدة في عمليات الإغاثة والمساعدات.
وخلال لقائه فانس، قال نتنياهو إنّ هذه "أيّام مصيرية"، مؤكّدا أنّ "إسرائيل القوية تخدم مصالح الولايات المتحدة، لكنها وحدها من يقرر مستقبلها".
في المقابل، قال فانس: "أعطوا الاتفاق فرصة، التحدي الآن هو إعادة إعمار غزة وضمان ألّا تشكل حماس تهديداً لإسرائيل".
واشنطن وأنقرة في امتحان غزة.. من يملك الدور؟
بحسب هآرتس، جاءت زيارة نائب الرئيس الأميركي، جاي دي فانس، إلى إسرائيل لمناقشة تفاصيل اليوم التالي للحرب، في ظلّ خلاف واضح حول الدور التركي.
وأوضح فانس في مؤتمر صحافي أنّ واشنطن "لا تعتزم فرض وجود عسكري تركي في غزة"، لكنها ترى أنّ أنقرة "يمكن أن تلعب دورًا بنّاءً" في إعادة الإعمار.
وخلال لقائه نتنياهو، أكّد الأخير أنّ "وجود قوات تركية في غزة خط أحمر بالنسبة لإسرائيل"، وفق ما نقلت الصحيفة عن مصدر سياسي، بينما ترك الباب مفتوحاً أمام مشاركة تركية في الأنشطة المدنية.
وقالت الصحيفة إنّ فانس زار مقرّ وزارة الدفاع الإسرائيلية وقيادة الجيش في تل أبيب، وتلقّى إحاطة حول الوضع الميداني في غزة من وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، ووزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر.
وأضافت أنّ زيارة فانس أعقبتها زيارة وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، لمتابعة تنفيذ الاتفاق ووقف إطلاق النار.
"حماس تعود من الباب الخلفي".. هدنة أم هدنة مؤقتة؟
من جهة أخرى، بثّت القناة 13 الإسرائيلية تقريرا أكدت فيه أن الأجهزة الأمنية رصدت مؤشرات واضحة على عودة حركة حماس لإدارة القطاع بعد سريان وقف إطلاق النار.
ووفق التقرير، بدأت الحركة بإعادة تشغيل البلديات وفرض الضرائب وتنفيذ إجراءات ضدّ معارضيها.
وقال قادة في الجيش الإسرائيلي إن "حماس عادت فعلياً لإدارة غزة"، مضيفين أنّ "المستوى الأمني أوصى القيادة السياسية بالانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق" لمعالجة هذا التطور.
وفي موازاة ذلك، نقلت وول ستريت جورنال عن مصادرها أنّ حماس أبلغت الوسطاء نيتها التوقف عن تنفيذ أحكام الإعدام بحقّ عناصر الميليشيات، بعد تحذيرات من أنّ هذه الخطوات قد تمنح إسرائيل ذريعة لاستئناف القتال.
أمّا الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، فقال في تصريح نقلته القناة إنّ "العديد من حلفائنا أبدوا استعدادهم لدخول غزة وسحق حماس إذا واصلت خرق الاتفاق"، مضيفا: "ليس بعد، ما زال هناك أمل أن تفعل حماس الشيء الصحيح".
"المنطقة المغلقة" و"الخط الأصفر"
في السياق الميداني، كشف موقع والا أنّ الجيش الإسرائيلي بدأ تنفيذ عمليات لإعادة "تصميم" المنطقة التي يسيطر عليها داخل غزة تمهيدا لتطبيق المرحلة الـ٢ من خطة ترامب.
ووفق الموقع، يسيطر الجيش الإسرائيلي حاليا على نحو 54% من مساحة القطاع، وقد شرع في تحديد ما يُعرف بـ"الخط الأصفر" عبر وضع كتل خرسانية تمثّل الحدّ الفاصل بين المناطق الخاضعة لسيطرته والمناطق التابعة لحماس.
وقال مصدر عسكري لقيادة الجنوب إنّ هذه الخطوة "تشكل ورقة تفاوض جديدة"، إذ تخشى حماس أن تتحول إلى جدار دائم يكرّس وقائع ميدانية جديدة. وأضاف أن "الجيش يعمل على تطهير المنطقة، وتفكيك الأنفاق، واكتشاف الأسلحة والمتفجرات"، حسب وصفه.
وأشار الموقع إلى أن المنطقة العازلة تمتدّ على عمق يتراوح بين 800 متر و1.2 كيلومتر داخل الأراضي الفلسطينية، وأن الجيش الإسرائيلي يعتزم البقاء فيها في كل السيناريوهات لتشكيل حاجز دائم بين التنظيمات المسلحة والمستوطنات الإسرائيلية.
كما ذكر أن وزارة الدفاع الإسرائيلية أنهت أعمال ترميم الجدار الحدودي، وتدرس إعادة نشر منظومات إطلاق نار يتم التحكم بها عن بُعد.
ما مستقبل الاتفاق ومخاطر الترسيم؟
بحسب القناة 12 وهآرتس، يواصل المسؤولون الأميركيون زياراتهم المتتالية لإسرائيل لمتابعة تنفيذ الاتفاق وضمان استمرار الهدوء. لكن على الأرض، تبدو إسرائيل ماضية في تثبيت واقع أمني جديد، عبر خطوط ميدانية وحواجز عازلة تمتد داخل غزة.
وقال مسؤول أمني للقناة إن هذه الإجراءات "دفاعية وتندرج ضمن بنود وقف إطلاق النار"، لكنها أيضًا "تؤسس لمرحلة تالية من السيطرة الدائمة".
"تشدد" من واشنطن و"تنصل" من نتنياهو
بموازاة هذه التطورات الميدانية، حذّر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إسرائيل من أنّها ستخسر دعم بلاده في حال أقدمت على ضمّ الضفة الغربية المحتلة، وذلك في مقابلة مع مجلة "تايم" أجريت في 15 أكتوبر ونشرت الخميس.
وأعاد ترامب تأكيد موقفه الخميس، حيث صرّح للصحافيين في البيت الأبيض عندما سئل عما إذا كان يشعر بالقلق بشأن التصويت في الكنيست الإسرائيلي، "لا تقلقوا بشأن الضفة الغربية، إسرائيل لن تفعل شيئا بالضفة الغربية".
وردا على سؤال عما سيجري في حال ضمّت إسرائيل الضفة الغربية التي تحتلها، قال ترامب في المقابلة مع مجلة "تايم"، "لن يحصل ذلك. لن يحصل لأنني قطعت عهدا للدول العربية. لا يمكن القيام بذلك الآن".
وحذّر من أن "إسرائيل ستخسر كل دعمها من الولايات المتحدة في حال حصل ذلك".
وكان الكنيست الإسرائيلي قد صوّت الأربعاء، لصالح مناقشة مشروعي قانون يمهّدان لتوسيع سيادة إسرائيل في الضفة الغربية.
ووصف مكتب نتنياهو، الخميس، التصويت في الكنيست بأنه "استفزاز متعمد من قبل المعارضة.. يهدف إلى بث الفتنة خلال زيارة فانس لإسرائيل".
وأضاف فانس "إذا كان هذا التصويت مجرد مناورة سياسية، فهي مناورة سياسية غبية جدا، وشعرت شخصيا ببعض الإهانة جراء ذلك".
ووصل روبيو غداة نهاية زيارة أجراها نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس الذي قال إن إسرائيل لن تضم الضفة الغربية.