"الشبح والدولاب" بـ"الفرع 322".. قاموس تعذيب خاص في سجن حلب

كان للنظام أساليبه الخاصة في التعذيب، وابتكر قاموسًا من المصطلحات لتسمية هذه الأساليب البشعة.

• "الشبح": أسلوب يقوم فيه المحققون بتعليق المعتقلين من أذرعهم باستخدام الأنابيب، مما يؤدي إلى كسر عظام الكتفين والمعصمين.
• "الدولاب": يجبر المعتقلون على الانحناء داخل إطار سيارة ليصبحوا عاجزين عن الحركة، ثم تُمارس عليهم ضربات وحشية.
• التنقيط بحمض البطاريات: شكل من أشكال التعذيب الكيميائي الذي شهدته قصة جار محمود أحمد عطار، والذي نُفذ لإجباره على الاعتراف.

محمود عطار، صاحب متجر من حلب، اعتُقل في أواخر عام 2019 من متجره للآيس كريم دون سابق إنذار. أمضى أسبوعين في زنزانة انفرادية صغيرة، كانت معتمة وقذرة، حيث كان يسمع صرخات رجل يتعرض للتعذيب في زنزانة مجاورة.

روى عطار أن المحققين كانوا يستخدمون بطارية حامض لتقطير السائل الكاوي على رأس من جاوره في المعتقل، أما هو، فقد عانى من تعذيب "الدولاب"، حيث أُجبر على وضع جسده في إطار سيارة، ليضرب ضربا مبرحا حتى كاد يفقد وعيه.

خرج محمود بعد أسبوعين دون أي تهمة، ورغم ذلك، لم يستطع تجاوز تجربته. ظل صامتًا لسنوات حتى سقط النظام، حين قرر زيارة الفرع، وقف أمام بوابته السوداء، جاثيًا على ركبتيه للصلاة، وهو يشعر أن الخوف الذي سكنه قد تلاشى أخيرًا.

الوثائق الموجودة في الفرع 322 أوضحت كيف كان النظام ينسق بين أجهزة الأمن المختلفة، وأظهرت تعليمات صادرة عن مكتب الأمن الوطني لتطهير المناطق الجغرافية من المطلوبين.

وُجهت الفروع لإرسال ملاحظات الاستجواب إلى الفروع الأخرى لمتابعة الأهداف الجديدة.

كان على المكاتب جمع الوثائق التي تتضمن بطاقات هوية وصور شخصية، بما في ذلك صور لأطفال تقل أعمارهم عن 8 سنوات.

وثقت بعض الصور النساء مبتسمات، وهو ما اعتبره الناجون مؤشرًا على الانتهاكات النفسية والجسدية التي تعرضن لها.

في فرع فلسطين بالعاصمة دمشق، قضى التركي محمد ارترك أكثر من عقدين من عمره في المعتقل بعد ألقي القبض عليه بتهمة التهريب قبل أن يعود إلى بلدته ماغاراجيك الواقعة على مرتفع على بعد حوالى عشر دقائق من الحدود السورية عبر حقول الزيتون.

فقد أرترك نصف أسنانه لدرجة يعجز معها عن أكل الخبز الذي تعده زوجته خديجة التي ظنت وعائلته أنه قد مات في سجون نظام الأسد، قبل أن تخرجه المعارضة المسلحة في ليلة سمع فيها إطلاق نار وراح يصلي إذ ظن أن ساعته قد حانت.

يروي أرترك قصص التعذيب داخل السجن الذي عانى فيه الجوع القاتل لبعض من كانوا معه وفقد بسببه الكثير من وزنه، إذ تلقى ضربا بالمطرقة على المعصمين لتظهر العظام من شدته، ويتابع في حديث لفرانس برنس "لقد صبوا المياه المغلية في عنق معتقل آخر. وقد ذاب جلد عنقه ونزل إلى أسفل" مشيرا إلى وركيه.

ويؤكد "خلال النهار كان ممنوعا منعا باتا الكلام كنا نجد صراصير في الطعام ونعاني من الرطوبة وتنتشر رائحة مراحيض" متحدثا عن مرور أيام "من دون ملابس ولا مياه ولا طعام، كما لو كنا في نعش".

ويضيف "كانوا يضعون 115 إلى 120 شخصا في زنزانة واحدة تتسع لعشرين شخصا. قضى كثيرون جوعا" مؤكدا أن الحراس "كانوا يرمون من قضى في مكب نفايات".