الحليف أصبح خائنا.. كيف بدلت أذرع إيران بالعراق موقفها من الأسد؟

بدأت نبرة المليشيات والجهات المقربة منها، بالتراجع عن دعم الأسد، رغم دفاعها عنه وقتالها إلى جانبه لسنوات طويلة. وبدأت قنوات إعلامية تابعة لمليشيات معروفة موالية لإيران، بوصف الأسد بأنه "ديكتاتور ويتبع لحزب البعث ونهجه الدموي، سواء في العراق أو سوريا".

علي فضل الله، المحلل السياسي المقرب من الفصائل المسلحة، المتحدث السابق باسم حركة "حقوق"، الجناح السياسي لحزب الله العراقي، اتهم في تصريحات تلفزيونية الأسد بخيانة "محور المقاومة"، موضحا أنه "دخل باتفاقيات كلفت المحور مقتل العشرات من مقاوميه في سوريا، باستهدافهم من قبل إسرائيل". أما حول دفاعهم السابق عنه، فقد قال فضل الله إنهم "كانوا يظنون بأنه أفضل من وصول جماعات متطرفة للحكم، وإن المحور انسحب تكتيكيا ولم يقاتل إلى جانب الأسد، بسبب اتفاقياته مع الأعداء، ورفض الجيش القتال لحمايته، وعدم قتال الأسد إلى جانب المحور في الحرب الأخيرة".

كلام فضل الله جاء متوافقا مع تصريحات القيادي في حزب الدعوة العراقي، جاسم محمد جعفر، الذي قال إن "الأسد زود إسرائيل بمعلومات عن تحركات القيادات في محور المقاومة، مما أدى إلى استهدافهم وقتلهم". جعفر قال إن "إيران ومحور المقاومة توصلا إلى خيانة الأسد لهما وكشف تحركاتهما، لذا قررا الانسحاب والاتفاق مع باقي الأطراف لإسقاطه".

تلك التصريحات والاتهامات لنظام الأسد تسببت بانتقاد وسخرية من قبل مدونين وناشطين عن التحول السريع في التبرؤ من نظام، قدمت المليشيات والأحزاب الموالية لإيران الدعم له بالمال والسلاح والمقاتلين لسنوات طويلة، وأسهموا في منع إسقاطه على مدى أكثر من 10 سنوات.

وعن هذا التحول المفاجئ والتبدل السريع في المواقف، يرى مراقبون أنه محاولة من جهات المحور للتستر على خسارتها، وآخرون يرون أنه تعايش سياسي مع الواقع.

الناشط في حراك الاحتجاجات أحمد محمد، يقول لبلينكس إن "إيران معروفة بالتبرؤ من أتباعها المهزومين"، مشيرا إلى أن "خسارة إيران ومليشياتها لطريق مهم في خط المحور وهو سوريا، جعلهم يعيشون في صدمة دفعتهم لتوجيه الاتهامات لنظام بشار الذي كان حليفهم حتى آخر لحظة، وعقدوا قمة ثلاثية في بغداد بين وزراء خارجية إيران وسوريا والعراق في اللحظات الأخيرة لدعمه".

وأكد محمد أن الأسد لو كان خائنا لهم، لما دافعوا عنه حتى الرمق الأخير. وعن موقف الجماعات المسلحة والأحزاب في العراق، يرى محمد أن "تلك الجماعات أولا تابعة لإيران وهي مسيرة، وثانيا هي تمتلك مصالح اقتصادية تجعلهم يفكرون في إيجاد عذر لجماهيرهم والتأقلم مع الواقع الجديد".

بينما يصف المحلل والباحث سرمد العبادي، موقف الجماعات والأحزاب والحكومة بالعقلاني، مبينا أن "السياسة ولغة العقل تتطلب من جميع الجهات العراقية التعامل مع الواقع على الأرض، وعدم خلق جبهة جديدة مع سوريا، ومحاولة رمي الماضي ونسيانه، وبناء علاقات جيدة في المستقبل لمصلحة الشعبين".

المحلل السياسي محمد نعناع، وصف تصرفات الطبقة السياسية العراقية إزاء ما حصل في سوريا بـ"الغباء السياسي"، قائلا إن "الـ48 ساعة الأخيرة فندت كل ادعاءات البعض حول توظيف الأسد لصالح محور المقاومة ومن ثم مهاجمته".

وأوضح لبلينكس أن الطبقة الحاكمة في العراق "دافعت حتى الساعات الأخيرة عن الأسد وبقائه، وأن ذلك قد ينم عن إما غباء سياسي، وإما سوء تقدير من الطبقة الحاكمة وأغلب زعمائها"، مؤكدا أنهم "ماضون خلف محور يوجههم كيفما يشاء، دون الاكتراث بمصلحة العراق".

نعناع بيّن أن "هناك أطرافا في المحور هي مجرد وكلاء لإيران"، مكررا أن "هذه الفئة في العراق نفعية وتتبع توجيهات إيران، دون مراعاة لتأثير ذلك على البلد، والدليل الدفاع المستميت حتى آخر لحظة عن الأسد، ثم مهاجمته فور سقوطه واتهامه بالخيانة".